كتابة الشاحنة باسم مقاول أو تاجر عنده سجل تجاري

رقم المَجلِس: 69
رقم الفَتوى: 6
المُؤلف: الشيخ أزهر سنيقرة
تاريخ المَجلِس: 27-06-1439هـ
الملف الصَّوتي تحميل
تحميل

السؤال:

هذا سؤال آخر، فيما يفعله كثير من النّاس وهو عندما يشتري شاحنة يضطرّ إلى كتابتها على اسم مقاول أو تاجر ممن يعرفه ويكون عنده السجل التجاري، كي لا يضطر لفتح سجلّ باسمه، فما حكم هذا العمل؟ وهل هذا من شهادة الزور والعياذ بالله؟ وبماذا تنصحوننا لأن فئة كثيرة تستعمل هذا النوع من المعاملات؟ وبارك الله فيكم.

الجواب:

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

الجواب على هذا السؤال بدفع شبهة انتهى بها صاحب السؤال، ألا وهي كثير ما يفعله النّاس، فالكثرة لا تكون حجة في الأمور الشرعية، سواء الكثرة من حيث الأقوال أو من حيث العدد، من حيث ما يفعله الناس، ﴿وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِين [سورة يوسف:103].يقول ربنا تبارك وتعالى، ولا ينبغي أن نغترّ بمثل هذه الكثرة، وأنا لو سألتك سؤال وقلت لك عن هؤلاء الذين يمتهنون مهنتك أو قاموا بمثل هذه المعاملة، كم نسبة من سأل عن الحكم الشرعي فيها قبل أن يقدم عليها؟ ربما تجيبني: بأنهم واحد في المئة ،وقد لا يكون هذا وهذا خلاف ما ينبغي أن يكون عليه المسلم، فالمسلم لا يفعل فعلا ولا يقدم على أمر إلا إذا علم حكم الله جل وعلا فيه، ثم بعد ذلك يقدم عليه، هذا هو الواجب.

أعود إلى سؤالك لأن بعض الناس يريدون توجيه المجيب في الأسئلة الخاصة بهم ، فمادام قال كثرة الناس فأجيب بما يرضي الناس.

وبعض المناهج الفقهية الآن تتبنى هذا الأمر وتقول: «اتركوا الناس على ما هم عليه، ولا تغيروا لهم حالهم» حتى وإن كانوا في الحرام يقعون، حتى وإن كانوا في البدعة غارقون، نسأل الله عز وجل العفو والعافية، وهذا منهج معروف أصحابه وأربابه والدعاة إليه، والمنهج الحق هو أنك تبين الحق، دائما وأبدا، والحق قد لا يرضي الكثير من الناس، فأنت يكفيك عند الله جل وعلا أنك أدّيت الذي عليك وما كنت خائنا، لأن الناس دائما وأبدا ينظرون إلى علمائهم أنهم أصحاب الحق، وسكوت العلماء عند العامة إقرار فيعتقدون أن علماءهم يقرّون مثل هذه الأفعال.

وأنا أذكر قبل سنوات لما كنا ما زلنا صغارا قبل ربما ثلاثين سنة، أول ما قرأنا لبعض علمائنا في حكم حلق اللحية، سألت والدي رحمة الله جل وعلا عليه، قلت له أبي تعلم أن حلق اللحية حرام؟ قال لي: لا، ثم قال: ألا ترى إمامنا حالقًا لحيته، فقلت له: والله قرأت هذا في كتاب وأتيته به وقرأه معي ، فمنها ذهب للإمام، وقال له صحيح أن حلق اللحية حرام؟ قال له: نعم؛ في المذاهب الأربعة، فكان جواب أبي منطقيا، قال له: ألا تخافون الله، وأنتم قدوة الناس، أنت محلّق والناس من حولك محلّقون جميعا ولا تنكر هذا على الناس، كم من خطبة خطبت فينا، وكم من درس درّست لنا وأنت تنظر إلى وجوهنا، فهذه الفطرة السليمة لما تنطق.

فهؤلاء يقال فيهم مثل ما قيل في أمثال هؤلاء جميعا: لابد من بيان الحق؛ لأنّه أمانة عند الله تبارك وتعالى.

ولهذا أقول جوابا على هذا السؤال: -الذي أشار السائل إلى ظاهره- وهو وجود شهادة الزور، بجواب كنا قرأناه أو سمعناه لشيخنا الشيخ محمد بن صالح العثيمين -عليه رحمة الله تبارك وتعالى- فيما يتعلق بحكم التهرب من الضرائب، الذي يقول به جمع من علمائنا لاعتقادهم أن الضرائب من المكوس وهي أخذ لمال بغير حق، يقولون بجواز هذا.

فالشيخ العثيمين -ولهذا استقر في ذهني- يقول: أنه يجوز التهرب بالسّكوت، يعني: إذا احتاج الإنسان أنه لا يتكلم فلا يتكلم، من باب التهرّب من الضرائب؛ بحيث لا يصرح بما عنده أو لا يذكر ما عنده أو ما إلى ذلك، ولكن يقول: أما أن يكذب فلا.

فهذا الذي يملك الشاحنة ويكتبها باسم غيره، هذا لا شك أنه كاذب في تصريحه، إضافة إلى ذلك: أنه لا يحفظ حقوقه وهذا أمر مهمّ جدًّا.

لذا الفقهاء يتكلّمون على قضيّة جعل هذه الأملاك باسم الأبناء أو البنات أو الزوجة من باب حرمان بعض الورثة، لأجل التهرّب من الضرائب، فيقع في مثل هذه الأمور وقد يذهب ماله بالكلية، غدًا ذلك يموت فلا واحد من الورثة يُرجع له حلاله، ولهذا الواجب ترك هذا الأمر وعدم الإقدام فيه، ولو كان الذي يفعله أكثر الناس -والعلم عند الله تبارك وتعالى-.